أظن أنه من الواجب أخذ نفس عميق عند ذكر كلمة “حِرفة”، فغالبًا الوقوع في حب شيء ما يدفعك لأخذ نفس طويل عند ذكره أو رؤيته؛ وكذلك هو الأمر مع الحِرف لمخلوق يعيش في غرفته متسكعًا في شوارع المُدُن أو ربما بين النجوم من على شرفة منزله.
هناك شيء ما يجذب نحو من يمتلك حرفة يحبها ويتقنها؛ ترى ذلك التناغم مع مطرقته لو كان نجارًا ومع أغنامه لو كان راعيًا أو ربما ذلك الحب لأرضه لو كان مزارعًا؛ ويا سلام لو كانت هذه الحرفة متوارثة! هل لفتت انتباهك يد رسامة تؤدي رقصة فاتنة مع القلم؟ أو مداعبة صانع الفخار لعجينة الطين؟ أو ابتسامة الطباخة والخباز والنحّاتين وجميع هؤلاء الحرفيين؟…
جميعهم يستمتع بما يقوم به وبالأخص في مرحلة إعداد الشيء أو صناعته؛ تمامًا كمتعة طريق الرحلة التي قد تفوق متعة الوصول!
تشعر بأن الحِرفي يضع شيء من جيناته بأعماله، فمهما تداولت وصفات الطعام تجد لنفس الطبق نكهة مميزة من طباخ لآخر، وشعورك بامتلاك لوحة رسام لا يشابه شعور امتلاك لوحة لرسام غيره، وكذلك الأمر مع قراءة أعمال كاتبك المفضل الذي يستطيع إخراجك إلى عالم آخر بأسلوبه الذي يحتوي مخيلتك… وقِس على ذلك من أمثلة.
الحرفيين يروون حكاياتهم بطرق مختلفة، فتستطيع مباني الأحياء القديمة أن تروي لك حكاية لزيارة الماضي ويمكن للصياد والإسكافي أخذك برحلة تراها في أعينهم وتجاعيد أيديهم قبل أن يتفوهوا بها؛ تمامًا كقدرة البهارات الهندية على أخذك في جولة إلى شوارع نيودلهي أو ترجمة ثقافة المجتمع الأفريقي بموسيقا الجاز الساحرة.
الحرفة تملئ الإنسان بالحياة، ولم يخيب ظني بحرفي يعمل بإتقان؛ الحرفيين يضيفون نكهة للحياة ربما لا نشعر بها ولكن سنشعر بفراغها إذا تلاشت.
أرى أهمية في امتهان الحرف؛ فيمكن للحرفة ملئ أوقات فراغنا أو أن تساعدنا على تجاوز أيامنا السيئة وربما طريقة أخرى للحصول على مصدر دخل من شيء نستمتع بالقيام به.
حب الحرفه هو سبب اتقانها وكذلك هو سبب لاستمرارية الحرفى نفسه فيها فان لم يتوفر الحب فسيكون العمل مملا ومرهقا