لا ينتهي الغموض حول الثقوب السوداء إلى يومنا هذا؛ حتى الصورة التي التقطتها وكالة ناسا كانت لتأثير الثقب الأسود “أفق الحدث” وليس الثقب الأسود ذاته؛ الثقب الأسود يبتلع كل شيء، حتى الضوء الذي نحتاج انعكاسه عن الأجسام لنتمكن من رؤيتها.
يجوب الكون ثلاثة أنواع من الثقوب السوداء، تم تصنيفها بناءًا على حجم كتلتها؛ أولها هو الثقب الأسود ذو الكتلة النجمية، والذي يفوق كتلة الشمس بحوالي عشرة أضعاف؛ يليه الثقب الأسود الفائق والذي يفوق كتلة الشمس بحوالي 4 ملايين مرة؛ هذا النوع من الثقوب السوداء يكون في مركز المجرات مثل ثقب *Sgr A الذي يتوسط مجرتنا العزيزة درب التبانة؛ أما النوع الثالث فكتلته تفوق كتلة الشمس بحوالي 100 مرة حتى ألف مرة، ويطلق عليه الثقب الأسود متوسط الكتلة.
حسنًا، إذا كان دماغك بدأ بالعمل متسائلًا عن كيفية تكوّن هذه الثقوب، فما زال الأمر غير واضح بالنسبة للثقوب السوداء الفائقة؛ يقول الفلكيون أنها تكونت نتيجة انهيار سُحب غازية ضخمة في المراحل الأولية لتكوين المجرات؛ ونظرية أخرى تقول أن الثقوب السوداء الفائقة ناتجة عن اندماج ثقوب سوداء ذات كتلة نجمية.
ولادة الثقوب السوداء،
بداية النهاية؛ تبدأ رحلة الثقب الأسود ذو الكتلة النجمية بعد موت أحد النجوم التي تساوي كتلتها حوالي 10 كتلة شمسية؛ إذ تحافظ النجوم على بقائها باستخراج الطاقة عن طريق تحويل الهيدروجين إلى هيليوم، هذا الاندماج النووي يولد طاقة تعمل باتجاه معاكس مع جاذبية النجم لمنع انهياره.
في النجوم التي تفوق كتلتها كتلة الشمس، يمكن توليد الطاقة بواسطة عناصر اثقل من الهيدروجين، ويبقى النجم صامدًا على هذه الحالة حتى يقع في فخ الحديد! الاندماج النووي لتكوين عنصر الحديد لا ينتج طاقة مثل الاندماج النووي لبقية العناصر؛ فالحديد يأخذ ولا يعطي! يؤدي تراكم الحديد في لب النجم إلى اختلال توازنه ومن ثم انهياره.
بعد انهيار لب النجم، يقوم بسحب المواد من حوله بسرعة كبيرة لتغذية اللب بالمزيد من العناصر وينتج عن هذه العملية انفجار “المستعر الأعظم”؛ يأخذنا هذا الانفجار إلى أحد الطريقين، إما نجم نيوتروني، أو ثقب أسود إذا كانت كتلة النجم كبيرة بما يكفي.
في حقيقة الأمر الثقوب السوداء لطيفة، وتستطيع تشبيهها بأسطوانة موسيقية على جهاز جراموفون يخرج منها موسيقا سوداء تجذبك لداخلها أكثر وأكثر دون أن تستطيع العودة، تأخذك بجولة سريعة إلى المستقبل، تحلل خلاياك، ومن ثم تموت.
نهاية هادئة،
على الرغم من أن الثقب الأسود يبتلع كل شيء، لكن يبدو أن بطلنا لن يصمد حتى النهاية؛ تنتهي حياة الثقب الأسود بواسطة ما يعرف بإشعاع هوكينج، والذي أظن أن فكرته هي دس السُم في طعام الثقب الأسود! يقول ستيفن هوكينج أنه هناك أجسام تظهر في الكون وكل جسم له جسم مضاد، وما يحدث في حالة موت الثقب الأسود هو أن أحد هذه الجسمين يظهر داخل الثقب الأسود والجسم الآخر يكون خارج أفق الحدث فيبتلع الثقب الأسود أحدهم ويفلت الآخر…
لنفترض أنه لدينا رقم 1 ورقم -1، الرقم 1 سيكون خارج أفق الحدث والرقم -1 سيكون داخل الثقب الأسود، عندما يبتلع الثقب الأسود -1 سينقص ذلك من طاقته، ومع مرور الوقت وتكرار العملية سيموت الثقب الأسود إذا لم يكن هناك عناصر يتغذى عليها.
هذه العملية تحتاج لكثير من ملايين السنوات؛ يعني لم يشهدها أحد من أسلافنا ولن يشهدها أحفاد أحفاد أحفادنا ومنذ بدأ أول ثقب أسود إلى هذا اليوم، لم يموت أي ثقب.
ها قد وصلنا لنهاية قرمشتنا السريعة، ويمكنك الاشتراك بالنشرة البريدية للاطلاع على القادم!
يمكنكم مشاهدة هذا الفيديو لتسهيل الأمر