الذاكرة

كعادتي أفكر فيما أودُّ كتابته في أوقات لا علاقة للكتابة بها؛ ليست الكتابة ما يشغل تفكيري كليًّا ولكن يدور المحور حولها هُنا؛ فمجرد أن وضعت أطراف أصابعي على لوحة المفاتيح تتبخر الحروف ولا أجد لها أثرًا!

منذ عدة أيام اشتريتُ ريحانة لتُشغل بعض أماكن الفراغ في بلكونتي، أملك علاقة جيدة مع الريحان إذ كنت أقوم بنقعها ومحاولة صناعة عِطر منها خلال أيام طفولتي المعدودة؛ ما جعلني أشعر بالسعادة اكثر هو أن رائحتها تسببت بمرور لقطة سريعة من تلك الأيام في ذاكرتي، تذكرت ذلك المكان وشعرت به ولكن ما زالت صورته مشوّشة… بإمكانك القول بأنني سمعت صوته وشممت رائحته ولكن لا وجود للصورة كأنما تخلصت ذاكرتي منها أو تعرض شريط تلك الذاكرة لخلل ما.

أصبحت اخرج صباح كل يوم لأرويها ولأقطف بعض أوراقها لتضيف نكهة من الذكريات لوجبة إفطاري؛ أعود بعد ذلك لأشرب فنجان قهوتي برفقتها محاولًا تذكر تلك اللقطة التي تمر خلال ذاكرتي كلما شممتها؛ لا أعلم إن كان الخلل في الذاكرة أو أن تلك الريحانة لا تفوح بشكلٍ كافٍ لمناداة بواقي ذاكرتي! أو ربما أنها تقوم بتشويقي فقط لأقضي معها فترة شروق الشمس.

ذكرني ذلك بفيلم Inside Out من ديزني؛ حيث كانت تلك الذكريات مرتبة على رفوف لتقوم ادمغتنا بإعطائنا بعضًا من الذكريات الجميلة بين فترة وأُخرى لتشعرنا بالسعادة، وتقوم بعد ذلك بإتلاف السيئة والمتهالكة منها!؛ ربما هناك لكل لحظة في ذاكرتنا شيفرة معينة تجعلها تسقط بعد اكتشافها وتحليلها من قبل أدمغتنا؛ قد تكون تلك الشيفرة موجودة في صوت أو صورة أو ربما في رائحة ما كتلك التي تفوح بها الريحانة.

نستطيع أن نعتبر ان ذاكرتنا هي خارطتنا في هذه الحياة، إذ لست مضطرًا لإعادة تعلم مهنتك صباح كل يوم من أجل إنجاز مهامك المتراكمة، ولن تكون عرضة لتناول تلك الوجبة السيئة التي اخترتها من قائمة أحد المطاعم المجاورة كاللتي تناولتها قبل قليل!.

قبل أن تخونني ذاكرتي او يتعرض شريطها لخلل ما؛ ممتن لكل من دعمني خلال الفترة الماضية برسالة قصيرة أو قام بالإشارة إليَّ في تدويناته…
*4 أفكار مجانية وعدنان حاج عليّ يمنحنا سببًا آخر للكتابة – مدونة يونس بن عمارة
*الفترةُ الزرقاء – سَقيفة رُبى عبد

تعليق واحد

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *