بطارية مهاجرة إلى جزيرة العرب.

بعد انقضاء ما يقارب العام على معاملتي لحاسبي المحمول على أنه كلب أليف بطوق ملتف حول عنقه، قررت أن احرره من قيود استغلال الشركة المُصنعة؛ إذ كانت تقوم باستغلالي أنا كذلك!
اظن انه هناك ثلاثة أشخاص سعيدين بهذا القرار؛ الأول هو أنا والثاني هو نادل المقهى الذي ارتاده والثالث هو حاسبي المحمول -لا اظن انه شخص ولكنه يفهمني-؛ متأكد بأن نادل المقهى سيكون الشخص الأكثر سعادة بيننا عند عودتي إلى المقهى بعد فترة طويلة دون الوقوف شامخًا متهالكًا مطالبًا بطاولة في قسم غير المدخنين ومشترطًا وجود فيش بجانبها.

كانت بطارية حاسبي المحمول معطّلة ويبدو أن الإيجابية الوحيدة من هذا الأمر هو الصداقة الجيدة التي كوّنتها مع النادل ووقوفه للتحدث معي حتى تفرغ أحد الطاولات المطابقة للمواصفات والمعايير الدولية التي لا يبالي بها أحد.

بدأت مسيرة التحرير منذ ما يقارب الشهر بعد أن طَلَبَت الشركة المُصنعة رقم فلكي من أجل استبدال البطارية؛ لأقوم بعدها بشرائها من أحد دول الكُفار بما يقارب ربع السعر الذي طُلب مني زائد مصاريف الشحن، سارت الأمور على خير حتى استلامي بريد إلكتروني من مركز شركة الشحن في دولة الكُفار مهددين بالتخلص من الشحنة خلال الأيام القادمة ما لم أجد لها تصريفة لاحتوائها على مواد قابلة للاشتعال!… الأمر الوحيد الذي ساعدني على الخروج من هذا المأزق هو عدم معرفتهم بأنني أحمل الجنسية السورية.

“عاجل: مواطن سوري يحاول إحراق طائرة شحن متجهة من بلاد الكفار إلى بلاد المسلمين”

بعد أن حُلَّت المشكلة وانطلقت الشحنة بطريقها إلى بر الأمان متنقلة من دولة إلى أخرى على حسابي الشخصي لمدة شهر؛ لا أخفي كم تمنيت أن أكون بطارية في تلك اللحظة، بطارية تتنقل بين الدول بأريحية دون حاجتها لجواز سفر وأكبر همها انها تحتوي على مواد قابلة للاشتعال… والأفضل من ذلك انه هناك من يدفع تكاليف رحلتها!

تنوعت أساليب المواصلات التي اتخذتها الشحنة بين البرية والجوية والزحلقة على مسارات الحمولات، حتى وصلت إلى أحضان حاسبي المحمول بعد عملية استئصال للبطارية القديمة استمرت لمدة ساعة بعد اكتشافي أنها مصابة بورم خبيث بمراحله المتقدمة؛ غالبًا كانت نسبة نجاح العملية 100% فقد عادت له جميع قواه واصبح ذو عزم وهمّة كما كان سابقًا.


الخبر الجميل بعد كل المعارك السابقة؛ بإمكانك الآن الاشتراك بقائمتي البريدية عديمة الفائدة…
قم بكتابة بريدك الالكتروني واضغط على اشتراك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *