Search
Close this search box.

تغير المناخ، بين الأحلام والواقع

يبدو أنني سأغنّي على منبر مختلف هذه المرة، وبمناسبة قمة المناخ السادس والعشرون في غلاسكو بعد فشل تنفيذ أي من أهداف القمم السابقة لها وصياح ناشطي المناخ وسعي الدول في وضع التزامات تشبه مخططاتنا قبل البدء بالحمية الغذائية التي نعرف مصيرها؛ لنتفق أولًا انني لست ساخرًا أو معارضًا لهذه القمم ولا ناشطي المناخ، بل كل ما في الأمر أنني إنسان بسيط سرحت قليلًا في خيالي وتساءلت – بغض النظر عن مشاكل جيلنا التي يفوق عددها شعر رأسي -، كيف يمكنني أن أساهم حقًا في الحفاظ على مناخ محبوبتنا الأرض؟

من شقتي المتواضعة التي ساهمت في جريمة انبعاث ثاني أكسيد الكربون، وفي بلد يفوق تعداده السكاني المئة مليون نسمة وجميعهم مساهمين في هذه الجريمة بالطبع؛ كانت جميع الحلول المتاحة مبدئيًا إما أنها صعبة التحقيق أو أنها مكلفة جدًا بالنسبة لإنسان عادي، ولنستوعب مدى تعقيد مُعضلة المناخ فهي مزيج من استمرار البشر في التكاثر وزيادة النشاط الاقتصادي والصناعي واستمرار سعي الدول الغنية لثراء أكثر ومحاولة الدول النامية لأن تصبح دولًا ميسورة، وبالطبع الدراما السياسية ليست بريئة.

يقول المنطق، أنه كلما زاد البشر بالتكاثر زاد انبعاث ثاني أكسيد الكربون لأسباب منطقية أكثر، مثل توسع المناطق السكنية وزيادة المستهلكات اليومية واستخدام الوقود الأحفوري وإلخ إلخ إلخ… وبالعودة للإنسان البسيط الذي يحاول الحفاظ على المناخ والذي تعطيه الشركات هواتف نقالة لا يزيد عمرها الافتراضي عن ثلاثة إلى أربعة أعوام بالإضافة لارتفاع أسعار السيارات التي تعمل بالطاقة النظيفة وزيادة أسعار الأدوات المنزلية الموفرة للطاقة، فبالتالي، سيجبر على تغيير هاتفه خلال فترات قصيرة وشراء أدوات منزلية غير موفرة للطاقة واعتماده على وسائل مواصلات تعمل بالوقود الأحفوري، لأنها وببساطة تناسب مقدرته المادية.

إذن، ما وصلت إليه الأرض اليوم هو ثمن ما نحن عليه الآن، وأرى أن الحل الوحيد للحفاظ على المناخ هو العودة لما قبل الثورة الصناعية؛ فمنذ طرح معضلة تغير المناخ للمرة الأولى لم يوضع حل واحد قابل للتطبيق؛ ويبدو أن جميع أفعال قادة ورواد العالم تخالف أقوالهم، وسياحة الفضاء مؤخرًا هي خير برهان على ذلك.

حاولت تجريد مشكلة المناخ من جميع مشاكل الأرض، ولكن بدا الأمر صعبًا بصراحة، فكيف لك أن تعمل على تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في بلاد ملأتها الحروب وانعدم فيها الأمان، أو بلاد فتكت فيها المجاعات والأمراض، هل تجد أن تغير المناخ الذي قد يقضي على الأرض بعد ربما مئات السنين سيكون من أولويات عائلة لا تستطيع توفير أدنى مقومات الحياة لأطفالها اليوم؟

ربما هذه هي سنّة الكون وتغير المناخ أحد الأسباب المؤدية لنهاية الطريق.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *